Saturday, June 19, 2010

الحلقة 3 : يأس و رحمة

بسم الله الرحمن الرحيم 





بيت عمتي الحبيبة ... رزقها الله سبحانه وتعالى 3 بنات ( جهاد ، صفاء ، انتصار ) ... إنتصار متزوجة و في سوريا الشقيقة مع زوجها ... لا أعرف شيئا اخر عنها و هي الكبرى ، صفاء الوسطى متزوجة وساكنة في مدينة العامرية و لديها ولد وبنت (توأمان) في أخر سنة جامعة طب (البنت متزوجة) وأيضا لا أعرفها جيدا و لكنها هذه الفترة كانت موجودة عند عمتي ... أظن أن لديها مشكلة مع زوجها ولكن صدقا ... لا أود معرفتها !!  ... ولا أظن أن هناك من سيخبرني بها أصلا !! ... و جهاد ... هي الصغرى عمرها 35 سنة ... أحبها كثيرا ... تعجبني بها ميزات كثيرة و رزانتها ... غير متزوجة ... طيبة المعشر ومحبوبة جدا ... ملتزمة ... أتفق معها في الأصول و نختلف غالبا في الفروع ... حيث كنا نتكلم من قبل أن تطئ قدماي العراق من خلال النت ... ونقاشتنا كانت تبقى ساعات ... مما دعاني للتأكد أنه من المستحيل يوما ما أحد سيفهمني ... و سيوافقني و يشابه على أفكاري ... هل من المعقول إنني معقدة؟! ...

المهم و زوج عمتي رحمه الله سبحانه وتعالى ... متوف منذ 3 سنين ...
المهم ... أغلب وقتي أقضيه في غرفة خصصت لي ... و أغلبه أكون سارحة أو أصلي لكي أجعل دمعي ينساب براحة ... أشعر بالوحدة ... ولكنني لا أستطيع الكلام مع أي أحد ... كم حاولت صفاء استدراجي لفتح مواضيع ... ولكن لا أستطيع ... رغم إنني طوال حياتي تقريبا في الغربة ... ولكنني لأول مرة أشعر بها ... يا ترى أين سأقطن ... لن أكون عند عمتي – رغم طيبتها وعدم معارضتها – للأبد !! ... فهي بشق الأنفس تستطيع أن توفر المأكل للعائلة ... وأيضا بيتهم صغير لا يتسع لي ... ولن تقبل مني أي مساعدة ... أعرفها ... عزيزة نفس كأبي الله يرحمه ... ولا أستطيع أن أسكن في بيت ما وحدي ! ... تعرفون بسبب ((التقاليـــــــــــد والعادات وسمعة البنت وما الى ذلك مما لا أؤمن به صراحة)) ... ولا أستطيع أيضا أن أخرج من العراق ... لنفس السبب ! ... والزواج مصيبة أيضا !!  ... لا أرغب بالزواج أصلا !!... فقد تقدم لي الكثيرون و رفضهم أبي و أثنان وافق عليهم لأن الإستخارة كانت مخيرة ولكن عند فترة الخطوبة رأيت ما صدمني مما جعلني أطلب بفسخها بعد ثاني مقابلة للأول ... والأولى للثاني !!! ... ... ولكن إبن خالي لم يتقدم ومرجح جدا أن يتقدم لأنه في اخر سنة جامعة ... و إبن عمي لحوح جدا وتقدم أكثر من مرة ورفض ! ... ما العمل لو تقدموا الان وأبي ليس موجود للرفض !! الله يرحمه !!

يا الهي !! ... كيف نسيت الشيخ صالح ؟؟؟ ... هو كان يثق به أبي كثيرا – رحمه الله – ويستشيره في كل أموره ... و أيضا زوجته رحمة صديقة لي وأحبها جدا ... يجب أن أذهب اليهم لاستشيره فأنا محتاجة حقا لكلام يقوينني ... فقد بت أشعر أن روحي قد ضعفت ... وعن ربها قد بعدت ... و لوساوس الشيطان قد انقادت ... وهو ما شاء الله عليه وكذلك زوجته كلامهما ينعش الروح ... يغذي النفس ... ينشط البدن ... وكأن طاقته الايمانية ذات تردد خاص ... تجعل كل مدارك الإنسان متفتحة ... ولربها شاغفة ... ياااه ... مجرد ذكرهما جعلني أتفائل مرة أخرى ... حملت تلفوني وإذا برحمة تتصل بي ! ...  سبحان الله !! ... تكلمنا قرابة الساعة والنصف !! ... و أخبرتني إنها وزوجها إن شاء الله سيستضيفانني عندهما و يأتيان لأخذي يوم السبت إن شاء الله سبحانه وتعالى ... الشيخ إسماعيل يعطي محاضرات في الجامع ويقيم صلاة الجمعة ... قالت لي فيما قالت : " لم أعلم بالأمر  الا قبل 5 دقائق ولكن لن أدعك وحيدة في هذا الأمر ... أفهم شعورك جيدا ... ولكن يجب أن تتوكلي على الله عز وجل وتسلمي كل همومك و مشاكلك له... وأيضا تعرفين أن بيتنا لا يخلو من المقيمين فيه ... فلا تحاولي الإعتذار عن المجيء ... على الأقل ستتولين محمد :P "
أراحني كلامها كثيرا ... لم تدع لي صاحب مصيبة إلا وذكرت لي قصته و كيف أن الصبر والرضى بقضاء الله وقدره عوضه وجعله في أشد الراحة بعد النجاح بالإمتحان ... لا أنكر بأنني كدت عدة مرات أن أكفر بكلامي و أنسى وجود وقدرة الله سبحانه وتعالى – استغفر الله -  ... كقولي " هذا ليس عدل " ، "ليس لي معين الان" ، "ولكن أصبحت وحيدة " ، " من سيهتم بأمري ؟ " ، "كيف سأعيش ؟ " ، " ماذا فعلت ليحصل لي هذا ؟ " ، " لم لم أذهب معهم ؟؟ " وغيرها الكثير ... لا أعرف يبدو لي أن تكراري لهذه الألفاظ بيني و بين نفسي هو ما جعلني فقدت الراحة النفسية بسرعة تدريجية و أتذوق مرارة الجزع واليأس الفضيع ... و الشيطان لعنة الله عليه يستغل أشد حالات ضعفنا ... كم هو خسيس !!! :@  ... و كانت تنهيني بأسلوب رائع و تسكتني بحيث لم أنتبه لهذا الا بعد الإنتهاء من المكالمة و مراجعتي حوارنا عدة مرات – لهاتفي به خاصية تسجيل المكالمات – وكانت هذه من المكالمات التي تستحق أن تراجع ويتأملها أي إنسان ... بصراحة إن أكثر ما أثر بي من كلامها وشعرت به يلامس روحي ونفسي هو هذه الإقتباسات الذان إقتبستها من كتاب الله عز وجل وكيف رتبتها وعقبت عليها :

" 1. بسم الله الرحمن الرحيم : " أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ " التوبة 126


2. بسم الله الرحمن الرحيم : " وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (86) " الأنبياء 83>86


3. بسم الله الرحمن الرحيم : " الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (54) " القصص 52>54


فالدعاء عند الضرر يستجاب إن شاء الله تعالى وطبعا استجابته تأتي وفقا لمصلحة الإنسان نفسه ... فلو إن المصلحة لك ولأهلك كانت في بقائهم أحياء لبقوا ولكن الله تعالى أعلم مني ومنك فهو الذي يدبر الأمور حسب المصلحة الالهية ... وأيضا حبيبتي عليك بالدعاء فأيوب عليه أفضل الصلاة والسلام دعى ربه سبحانه وتعالى و شكى له أحواله ... فاستجاب الله عز وجل له ... فإدعي الله سبحانه وتعالى عسى أن يستجيب لك ويعوضك ... ولا تنس الصبر  ... فهو مفتاح الفرج حبيبتي ... هذا إختبار فاستغليه لتنالي أعلى العلامات وتنالي التفوق به والإمتياز ........"

شعرت بالتقصير الشديد والخجل الشديد من الله عز وجل ، كيف كنت أفعل ما أفعل :( ... ما إن أنهيت الإعادة للمرة الثالثة عزمت أمري ... سجدت لله عز وجل و شكرته و استغفرته وتوسلت به أن يسامحني على نسياني إياه و  يسامحني على صلاتي وصيامي بالأيام الماضية الذي كان مجرد حركات رياضية افتقدت حضور القلب ... و قلت له " لن أطلب منك الفرج أو تقصير فترة الإختبار فأنت أعلم بحالي من نفسي ... و أعلم بما أقدر  وبما لا أطيق ومعاذ لك أن تحملني ما لا أطيق ... ولكنني أسألك أمرا واحدا فقط ... إجعلني عاقبتي هي النجاح في كل الإختبارات ... وافعل بي ما شئت ... فأنت أرحم الراحمين ... والرؤوف الحكيم "
بعد يومان ... أخبرت عمتي بأنني سأذهب لدى رحمة لأقيم عندها عدة أيام ، حزنت و لكنها حاولت إخفاء حزنها ... ولكن لم تنجح محاولاتها طبعا ... فهي شفافة واضحة لا تستطيع إخفاء مشاعرها مهما حاولت ... المهم لم تعترض و تركتني على راحتي ... طلبت منها عدم وجود أي أحد من أقربائي الأخرين يوم السبت ( غدا ) ... كي لا يتكلموا بكلام لا معنى له ... أو بالأحرى كيلا يثرثوا أو يمنعوني عن مقصدي ! ...

صبيحة السبت أتت رحمة و زوجها لاصطحابي ... لم نضيع الوقت ذهبنا بسرعة فقد تركا صغيريهما عند الجيران ... و طول الطريق كان الجميع صامت أو بالأحرى سارح في أجمل كلام ... كلام الله عز وجل ...
تركنا الشيخ صالح عند البيت و ذهب للعمل و أيضا ذهبت رحمة لإحضار الطفلين ... دخلت البيت و شعرت براحة نفسية غريبة ... ربما بسبب صوت القران الكريم المرتل المنبعث في كل جزء و كل مخبأ من البيت الطاهر ... فجلست وأغمضت عيناي مسترخية ...

فتحت باب البيت ... و أتى محمد نحوي راكضا وهو يقول " مه نه لام علي " !!! ... طبعا لم أتمالك نفسي وضحكت من كل قلبي و احتضنته ... دوما الأطفال يزرعون في قلبي نوعا من السعادة لا تووصف ... فما بالكم بمحمد؟؟

قالت رحمة متصنعة الجد : قال لك " عمة امنة السلام عليكم" ... لما تردي السلام ؟؟
-          وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ... أتعلمين إبنك الصينية كلغة أساسية؟؟
-          إنه يتعلمها من غير أي مساعدة ... بل وعلمني بعضا من أساسياتها ... طول عمري تأملت أن أكون مميزة ... لم أتوقع أن يكون إبني داعية صيني :P

و أكملناا الضحك ...










وللقصة إن شاء الله بقية ...




12 comments:

Unknown said...

ما شاء الله بجد
فى إنتظار باقى الحلقات

زينب علي حبيب said...

شكرا أخي رفعت معنوياتي :)

إن شاء الله قريبا :)

اهلا وسهلا بك

ام التجارب said...

ههههههههههههه

عجبني حمودي الصيني

نهاية الحلقه رائعه ومدعيه لسرور

زينب علي حبيب said...

ههههههههه
:)

Unknown said...

فعلا روايه مشوقه ..تجمع بين الحزن والفرح ..والجد والمرح....

الى الامام اخيتي!!

زينب علي حبيب said...

:)

الحمد لله إنها قد نالت إعجابك :)

dima said...

3ajbny kteer hl kalam ylli bied3ee lal saber w eltafa2ol w 3ajbetny elnihaie kaman :D tasalsol el27dath kteer wa8i3i w 5assatan el28riba2 w mawa8ifon ;) be5tisar 7bet kteeer w allah y36iki el3afie

زينب علي حبيب said...

الحمد لله انو عجبك ... و تسلمي على شهاادتك ... يالله بشوف شو رأيك بالجاي :)

Anonymous said...

hl kalam bied3i lal saber w2et elmasa2eb w laltafa2ol 7bet elnihaie kteer 3fwiye :) w mawa8ef el28riba2 kteeer wa8i3iye y3ni be5tisar 7bet kteer riwaitek w bet7mmes kteer :)

زينب علي حبيب said...

تسلمييلي ... لكان تابعيها يالله :)

وداد said...

تسلسل جميل حبيبتي قطرة

ودعابة مميزة في نهاية هذا الجزء

سلمت يداكِ

هروح أقرا باقي الأجزاء

زينب علي حبيب said...

:)

الله يسلمكِ يااا رب ... تفضلي كل المدونة قدامك :)

Post a Comment

كلمات بسيطة قد تسعدني ... لا تبخل علي بها :)

 

Copyright (c) 2010 حلاوة الايمان عند مسير الانسان >>> روايتي :). Design by WpThemesExpert
Blogger Template by New Blogger Templates.